Hot Posts

6/recent/ticker-posts

أعداء الداخل للمرة الثانية تاريخ الجزائر


 


أعداء الداخل للمرة الثانية:

أفاد (الملك عبد الله) ملك بجاية الشرعي المخلوع، والذي أصاب السجن بصره، من الفوضى والاضطراب اللذان رافقا اجتياح القوات الإسبانية لمدينة (بجاية) فهرب من سجنه بمساعدة بعض أنصاره الذين رافقوه إلى حيث تجمعت فئة من مؤيديه. ولم يلبث أن توجه بوفد من الأعراب لمقابلة القائد الإسباني (بيدرو النافاري). وقد عمل هذا على تقديم المساعدة الطبية (شق الأهداب) فعاد الملك عبد الله وقد أصبح قادرا على الرؤية. وأعلن الولاء لإسبانيا والخضوع لها والعمل تحت رايتها. وقرر (بيدرو) الإفادة من هذا الملك، فجهز له حملة انضم إليها بعض أنصار (الملك عبد الله). وسار بهم (بيدرو) يوم 13 نيسان (أبريل) مغادرا بجاية إلى حيث مقر (عبد الرحمن) ودارت معركة رهيبة قتل فيها عدد كبير من أنصار عبد الرحمن بمن فيهم زوجته وابنته، وغنم (بيدرو) غنائم كبيرة. وتمكن (عبد الرحمن) النجاة من المعركة ومعه عدد قليل من أنصاره. وكان (بيدرو) قد كتب إلى الملك (فرديناند) يستشيره في تعيين (الملك عبد الله) ملكا على بجاية. غير أن نجاة (عبد الرحمن) واستمراره في المقاومة حمل (بيدرو) على تعديل مخططه للإفادة من (الملكين معا) فتم الاتفاق بين (فرناندو) و (عبد الرحمن) ملك جبال البربر و (عبد الله) ملك بجاية على تقسيم مناطق النفوذ، وممارسة الحكم تحت الإشراف الإسباني. مع تقديم كل ما تطلبه الإدارة الإسبانية من المساعدات .

وأصبح الملك الإسباني (فرديناندو) بعد هذا النصر، أكثر ثقة بالقدرة على تنفيذ مخططاته، فانطلق يعلن بوضوح عن أهدافه بضرورة تطوير الحرب الصليبية. ويؤكد عزمه على مطاردة الكفار (المسلمين) إلى أن ينتزع من بين أيديهم بيت المقدس. ثم أعلن بحماسة أنه سيتولى بنفسه قيادة جيش لفتح أفريقيا. وأن يضع يده في يد فرسان جزيرة رودس من أجل الإسيلاء على مصر.

غير أن الأمور لم تتوافق في مسيرتها مع ما طمع به (فرناندو). فقد انطلق الشعب في المغرب الإسلامي إلى تنظيم المقاومة. واستخدم الإسبان أبشع أنواع الإبادة. غير أن هذه الوحشية لم تقابل من المجاهدين في سبيل الله إلا بالمزيد من التصميم والعناد. وعلى سبيل المثال، فقد رفض (سكان زواوة) من رجال القبائل الأشداء الخضوع لسلطة الملك عبد الرحمن. وتنادوا بوجوب الجهاد ضد المحتل الغاصب، واعترفوا بإمارة الأمير أبي بكر الذي كان يجكم قسنطينة باسم الحفصيين. وأخذوا يوحدون صفوفهم. والتف حولهم المجاهدون من أهل التل ومن سكان الهضاب العليا ، واتخذ الأمير أبو بكر مقرا لقيادته بلدة زيانية. وأخذ ينظم الإغارات باستمرار لإزعاج الإسبانيين الذين عملوا بالمقابل على توسيع (بقعة الزيت) باستيلائهم على (عنابة) سنة 1510. غير أن عملية التوسع اصطدمت بمقاومة طرابلس الضارية (والتي كانت تحت حكم الحفصيين). ولم تتم عملية احتلال (طرابلس) إلا بعد جهد كبير، والقضاء على المجاهدين وعندما حاول (بدرو نفارو) الاستيلاء على (جزيرة جربة) حدثت معارك ضارية أعجزت القوات الإسبانية، وتكررت هذه الظاهرة عند (قرفنة)، وبذلك وصل المد الإسباني نهايته.

ووجد أهل (مستغانم وتمزغران) أنه لم يعد باستطاعتهم البقاء في حالة عزلة بعد أن سيطرت القوات الإسبانية على الساحل بكامله، فقام قائد ومرابطي وشويخ مستغانم وتمزغران - مازغران - بعقد معاهدة صلح مع (فرنانديز دي قرطبة).

وفي خلال هذه الفترة حدث تطور في أقصى المغرب، فقد استطاع الأشراف السعديون إعادة تنظيم أمورهم (في سنة 916 هـ = 1509 م) وتولى قيادتهم الشريف أبي عبد الله القائم وولديه أبي العباس أحمد الأعرج ومحمد المهدي. وأمكن لهم بذلك تحويل الموقف في أقصى المغرب الإسلامي، مما ترك أثره على مسيرة الأحداث التالية لذلك 


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الكتاب: سلسلة جهاد شعب الجزائر المؤلف: بسام العسلي صفحة 69~71 الجزء 01

إرسال تعليق

0 تعليقات