إثيوبيا
هي واحدة من أقدم البلدان في العالم، وتتمتع بتاريخ طويل يمتد لآلاف السنين. تقع في شرق إفريقيا، وتحدها إريتريا من الشمال، وجيبوتي والصومال من الشرق، وكينيا من الجنوب، والسودان وجنوب السودان من الغرب.
الموقع: إثيوبيا دولة غير ساحلية، إذ فقدت منافذها البحرية بعد استقلال إريتريا عام 1993. العاصمة هي أديس أبابا، التي تقع على ارتفاع حوالي 2400 متر فوق سطح البحر.
أصل تسمية
يعود إلى الكلمة اليونانية القديمة **"Αἰθιοπία" (Aethiopia)**، وهي مركبة من كلمتين: **"أيثيوس" (Αἴθιος)** التي تعني "محروق" أو "أسود"، و**"أوبس" (Ὤψ)** التي تعني "الوجه". وبالتالي، فإن التسمية تشير إلى "أرض ذوي الوجوه المحروقة" أو "الوجوه السمراء"، وذلك بسبب البشرة الداكنة لسكان المنطقة من منظور الإغريق القدماء.
كانت هذه التسمية تستخدم في البداية لوصف المناطق التي تقع جنوب مصر، بما في ذلك إثيوبيا الحديثة وشمال السودان (المعروفة قديمًا باسم مملكة كوش). الإغريق والرومان كانوا يستخدمون هذا المصطلح بشكل فضفاض للإشارة إلى المناطق الواقعة جنوب الصحراء الكبرى، حيث عاش السكان ذوو البشرة الداكنة.
مع مرور الزمن، ارتبطت التسمية الحالية بـ"إثيوبيا" تحديدًا. وفي التراث المحلي، يشار إلى إثيوبيا أيضًا باسم **"أبيسينيا" (Abyssinia)**، وهو الاسم الذي كان يطلق على الأجزاء الشمالية من البلاد خلال العصور الوسطى والمستمدة من قبيلة حبشية تدعى **"الحبشة"**.
الحبشة، أو أبيسينيا (Abyssinia)
هو الاسم القديم الذي كان يُطلق على المناطق الشمالية من إثيوبيا الحالية وأجزاء من إريتريا. هذا الاسم مرتبط بشكل وثيق بتاريخ وحضارة المنطقة، وكان يشير إلى الحضارات والشعوب التي سكنت هذه المنطقة على مر العصور. إليك المزيد عن الحبشة وتاريخها:الحبشة اشتقت من كلمة "حبشت"، وهي قبيلة سامية كانت تسكن المنطقة في العصور القديمة. القبيلة الحبشية كانت مؤثرة في شمال إثيوبيا وما حولها، واسمهم أصبح يُستخدم كإشارة إلى المنطقة ككل.
مع مرور الوقت، تطور الاسم ليصبح "Abyssinia" في اللغات الأوروبية خلال العصور الوسطى والحديثة. استخدم الأوروبيون هذا الاسم للإشارة إلى الممالك التي كانت قائمة في الهضاب الإثيوبية.
تاريخ إثيوبيا
1. **العصور القديمة ومملكة دمت (800 - 400 ق.م)**:
**مملكة دمت** (D'mt) هي واحدة من أقدم الممالك المعروفة في منطقة القرن الإفريقي وشمال إثيوبيا وإريتريا. تأسست حوالي القرن الثامن قبل الميلاد، واستمرت حتى حوالي القرن الخامس قبل الميلاد. تعد دمت من بين أقدم الحضارات الإفريقية وتعتبر مقدمة لتاريخ إثيوبيا القديم. إليك نظرة تفصيلية على مملكة دمت:
1.1 **الموقع الجغرافي:**
- كانت مملكة دمت تقع في شمال **إثيوبيا** وجنوب **إريتريا** الحالية، وتمركزت في المنطقة المعروفة اليوم ب**الهضبة الحبشية**، وهي منطقة جبلية تضم العديد من الهضاب.
- قربها من **البحر الأحمر** ساعدها على تطوير علاقات تجارية مع الحضارات المجاورة، بما في ذلك **مملكة سبأ** في جنوب شبه الجزيرة العربية.
2.1 **الأصل والتأثير السبئي:**
- يعتقد بعض الباحثين أن مملكة دمت تأثرت بشكل كبير بحضارة **سبأ** اليمنية التي كانت تقع على الجانب الآخر من البحر الأحمر، بسبب قربهما الجغرافي والتواصل التجاري.
- من المحتمل أن حضارة سبأ أسهمت في تطوير النظام السياسي والاقتصادي لدمت، حيث تشير الأدلة الأثرية إلى أن هناك تداخلًا ثقافيًا كبيرًا بين المملكتين. هذا التداخل شمل تبني الكتابة **السبئية**، والهندسة المعمارية، والدين.
3.1 **الاقتصاد والتجارة:**
- اعتمدت مملكة دمت على الزراعة كركيزة أساسية لاقتصادها. كانت المنطقة غنية بالموارد الطبيعية مثل المعادن (خاصة الحديد) والتربة الخصبة، مما ساهم في ازدهارها الزراعي.
- التجارة كانت عنصرًا مهمًا في الاقتصاد، حيث كانت المملكة تشارك في التجارة عبر البحر الأحمر مع الحضارات المجاورة. تصدرت دمت تجارة **العاج**، **البخور**، و**الذهب**، وهي سلع كانت مطلوبة بشكل كبير في العالم القديم.
4.1 **العمارة والنقوش:**
- توجد أدلة أثرية تشير إلى تطور حضاري في مملكة دمت، بما في ذلك **الهياكل الحجرية** الكبيرة التي شُيدت في مختلف أنحاء المملكة. يُعتقد أن هذه الهياكل كانت قصورًا أو معابد دينية.
- كما تم العثور على **نقوش سبئية** في مواقع أثرية عديدة، مما يعزز فكرة التأثير السبئي على المملكة. هذه النقوش تسلط الضوء على اللغة والحياة الاجتماعية والسياسية في دمت.
5.1 **الديانة والمعتقدات:**
- الدين في مملكة دمت كان متأثرًا إلى حد كبير بالمعتقدات السبئية. كانت العبادة موجهة نحو **الآلهة الشمسية** مثل الإله **"المقة"**، الذي كان يُعبد في سبأ أيضًا.
- تشير الأدلة إلى وجود طقوس دينية مرتبطة بعبادة الأجداد والملوك، ويعتقد أن الملوك لعبوا دورًا دينيًا وسياسيًا مهمًا في المجتمع.
6.1 **سقوط مملكة دمت:**
- بحلول القرن الخامس قبل الميلاد، تراجعت قوة مملكة دمت، ويُعتقد أنها تفككت أو تم استيعابها في ممالك أصغر محلية. لا يزال سبب انهيار المملكة غير معروف بشكل دقيق، ولكن من المحتمل أن يكون نتيجة تحولات سياسية أو اقتصادية أو تغيرات في طرق التجارة.
- بعد انهيار دمت، ظهرت عدة ممالك محلية أصغر في شمال إثيوبيا، ومن بينها **مملكة أكسوم** التي ورثت العديد من عناصر الحضارة والثقافة من دمت.
7.1 **أهمية دمت في التاريخ الإثيوبي:**
- تعتبر مملكة دمت جزءًا أساسيًا من التاريخ الإثيوبي القديم، حيث وضعت الأساس لتطوير الحضارة الإثيوبية لاحقًا.
- يشير بعض المؤرخين إلى أن مملكة دمت كانت مقدمة لـ **مملكة أكسوم**، التي أصبحت لاحقًا واحدة من أقوى الممالك في إفريقيا. يُعتقد أن أكسوم ورثت الكثير من التراث السياسي والديني من دمت.
8.1 **الأبحاث الأثرية:**
- حتى الآن، لا تزال مملكة دمت مجالًا هامًا للبحث الأثري. ما زالت هناك حاجة لاكتشاف المزيد من المواقع الأثرية لفهم هذه المملكة بشكل أفضل، حيث تعتبر الأدلة المكتشفة حتى الآن محدودة.
- أبرز المواقع الأثرية المرتبطة بدمت هي منطقة **ييها** في شمال إثيوبيا، التي تحتوي على معابد وأطلال تعود إلى فترة دمت، وتعتبر مؤشرًا رئيسيًا على تأثير سبأ في هذه المنطقة.
9.1 **علاقتها بالحضارات الأخرى:**
- بحكم موقعها الاستراتيجي، كانت دمت على اتصال بحضارات عدة، منها حضارات **مصر القديمة** و**مملكة كوش** في السودان، و**مملكة سبأ** في جنوب شبه الجزيرة العربية. هذا الاتصال أسهم في تطورها الاقتصادي والسياسي.
الخلاصة:
مملكة دمت تعتبر من أولى الحضارات الكبرى في القرن الإفريقي، ولعبت دورًا محوريًا في تشكيل الهوية الإثيوبية المبكرة. كانت دمت نقطة انطلاق هامة للتجارة والثقافة والدين في المنطقة، وأثرت على التطورات السياسية والاجتماعية التي تلتها في تاريخ إثيوبيا.
المواضيع التالية إن شاء الله:
0 تعليقات