Hot Posts

6/recent/ticker-posts

الصناعة قبل الاحتلال، كانت أكثر تقدماً وأحسن تنظيماً، تشهد بذلك مختلف المصادر التي تجمع أن الحرفيين، في الجزائر، كانوا يجمعون في نقابات حسب التخصص

الصناعة قبل الاحتلال، كانت أكثر تقدماً وأحسن تنظيماً، تشهد بذلك مختلف المصادر التي تجمع أن الحرفيين، في الجزائر، كانوا يجمعون في نقابات حسب التخصص بحيث تجد النجارين في شارع، والحدادين في آخر، والشواشين في ثالث، والصباغين في رابع، والدباغين في خامس، إلخ … وكانت كل نقابة تسير من قبل أمين ينتخب بديمقراطية ويختار لما له من خبرة وحكمة وحسن سلوك، وللأمناء مجتمعين مكانة مرموقة لدى الحكومة المركزية، أما أمين الأمناء، فإنه يحضر الاجتماعات مع السلطات العليا، ويشارك، فعلياً، في اتخاذ القرارات، سواء منها الاقتصادية أو السياسي

وإلى جانب هذه الصناعة التقليدية، كانت الدولة الجزائرية تهتم كثيراً بمناجم المعادن المختلفة، وتولي رعاية خاصة لصناعتين كانتا أساسيتين في ذلك الحين، وهما صناعة الأسلحة والذخيرة الحربية، وصناعة السفن

وبعد الغزو، وبالتدريج، أهملت الصناعة في الجزائر، لتتخصص البلاد شأن جميع بلدان العالم الثالث، في تصدير المواد الأولية وقد نجحت السطات الاستعمارية في مهمتها، إذ ما كادت الثورة تندلع حتى اختفت صناعتنا التقليدية، وصارت الجزائر تستورد كل شيء تقريباً، واختفت مصانع الأسلحة والبارود، وورشات البحرية الخاصة بصناعة السفن. وبالمقابل تضاعفت كميات المعادن المنجمية المستخرجة، والتي أصبحت سنة 1954، حوالي ستمائة ألف طن من الفوسفات، وثلاثة ملايين ونصف مليون طن من الحديد، وأربعمائة ألف طن من الفحم، إلخ …

وبقدر ما أنهك الاستعمار صناعتنا، قبل أن يقضي عليها، فإنه خنق التجارة الخارجية التي كانت، هي الأخرى، مزدهرة قبل الغزو الفرنسي. قد يبدو أن قولنا هذا مجرد إدعاء، ولكن المصادر، على اختلاف لغاتها، تثبت بأن الجزائر، قبل الاحتلال كانت تقيم علاقات تجارية مكثفة مع افريقيا جنوب الصحراء، ومع البلاد العربية وأوربا الغربية خاصة وبأن تجارتها تلك كانت مخططة وتدر على البلاد أرباحاً كثيرة، تستثمر في سائر الميادين. ثم جاءت آفة الاستعمار، وما كادت تمر السنوات الأولى من الغزو حتى أصبح ميزان التجارة الخارجية الجزائرية خاسراً لأن كل عمليات التصدير والتوريد صارت مقصورة على فرنسا.

وفي العشرية التي سبقت ثورة نوفمبر سنة 1954، لم يعد في استطاعة أي عاقل الحديث عن تجارة الجزائر الخارجية، بل كل ما هناك عمليات احتكارية تقوم بها كمشة من المستعمرين، يجمعون الأرباح لأنفسهم على حساب فرنسا والجزائر في آن واحد 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تاريخ الجزائر المعاصر، محمد العربي الزبيري، ص19، ج1.

 

إرسال تعليق

0 تعليقات