ذكر تلبيسه عَلَى الثنوية وهم قوم قالوا صانع العالم اثنان ففاعل الخير نور وفاعل الشر ظلمة وهما قديمان لم يزالا ولن يزالا قويين حساسين سميعين بصيرين وهما مختلفان فِي النفس والصورة
وهم قوم قالوا صانع العالم اثنان ففاعل الخير نور وفاعل الشر ظلمة وهما قديمان لم يزالا ولن يزالا قويين حساسين سميعين بصيرين وهما مختلفان فِي النفس والصورة متضادان فِي الفعل والتدبير فجوهر النور فاضل حسن نير صاف نقي طيب الريح حسن المنظر ونفسه نفس خيرة كريمة حكيمة نفاعة منها الخير واللذة والسرور والصلاح وليس فيها شيء من الضرر ولا من الشر وجوهر الظلمة عَلَى ضد ذلك من الكدر والنقص ونتن الريح وقبح المنظر ونفسه نفس شريرة بخيلة سفيهة منتنة ضرارة منها الشر والفساد كذا حكاه النوبختي عنهم قَالَ وزعم بعضهم أن النور لم يزل فوق الظلمة وقال بعضهم بل كل واحد إِلَى جانب الآخر وقال أكثرهم النور لم يزل مرتفعا فِي ناحية الشمال والظلمة منحطة فِي ناحية الجنوب ولم يزل كل واحد منهما مباينا لصاحبه قَالَ النوبختي وزعموا أن كل واحد منهما لَهُ أجناس خمسة أربعة منها أبدان وخامس هو الروح وأبدان النور أربعة النار والريح والتراب والماء وروحه الشبح ولم تزل تتحرك فِي هذه الأبدان وأبدان الظلمة أربعة الحريق والظلمة والسموم والضباب وروحها الدخان وسموا أبدان النور ملائكة وسموا أبدان الظلمة شياطين وعفاريت وبعضهم يَقُول الظلمة تتوالد شياطين والنور يتوالد ملائكة وأن النور لا يقدر عَلَى الشر ولا يجوز مِنْهُ والظلمة لا تقدر عَلَى الخير ولا تجوز مِنْهُ وذكر لهم مذاهب مختلفة فيما يتعلق بالنور والظلمة ومذاهب سخيفة فمنها أنه فرض عليهم ألا يدخرون إلا قوت يوم وقال بعضهم عَلَى الإنسان صوم سبع العمر وترك الكذب والبخل والسحر وعبادة الأوثان والزنى والسرقة وأن لا يؤذي ذا روح فِي مذاهب طريفة اخترعوها بواقعاتهم الباردة وذكر يَحْيَى بْن بِشْر النهاوندي أن قوما منهم يقال لهم الديصانية زعموا أن طينة العالم كانت طينة خشنة وكانت تحاكي جسم الباري الذي هو النور زمانا فتأذى بها فلما طال عَلَيْهِ ذلك قصد تنحيتها عنه فتوحل فيها واختلط بِهَا فتركب منها هَذَا العالم النوري والظلمي فما كان من جهة الصلاح فمن النور وما كان من جهة الفساد فمن الظلمة وهؤلاء يغتالون الناس ويخنقونهم ويزعمون أنهم يخلصون بذلك النور من الظلمة مذاهب سخيفة والذي حملهم عَلَى هَذَا أنهم رأوا فِي العالم شرا واختلافا فقالوا لا يكون من أصل واحد شيئان مختلفان كَمَا لا يكون من النار التبريد والتسخين وَقَدْ رد العلماء عليهم فِي قولهم إن الصانع اثنان فقالوا لو كان اثنين لم يخل أن يكونا قادرين أَوْ عاجزين أَوْ أحدهما قادر والثاني عاجز لا يجوز أن يكونا عاجزين لأن العجز يمنع ثبوت الألوهية ولا يجوز أن يكون أحدهما عاجزا فبقي أن يقال هما قادران فتصور فيها أن أحدهما يريد تحريك هَذَا الجسم فِي حالة يريد الآخر تسكينه ومن المحال وجود مَا يريدانه فَإِن تم مراد أحدهما ثبت عجز الآخر وردوا عليهم فِي قولهم إن النور يفعل الخير والظلمة تفعل الشر فإنه لو هرب مظلوم فاستتر بالظلمة فهذا خير قدر صدر من شر ولا ينبغي مد النفس فِي الكلام مَعَ هؤلاء فَإِن مذهبهم خرافات
0 تعليقات